Friday, August 15, 2008

بناء مجتمعي

إنطلاقا من الواقع المرير الذي نعيشه ويعيشه كل أفراد العالم الثالث كان الداعي لكاتبة هذه المدونة !
من منا لم يكن منا يحلم بعالم مثالي أو إذا صح التعبير عالم يوا�?ق متطلباته الأخلاقية لكن هيهات لهذا العالم أن يوجد خاصا عندما تتحطم سفين الأحلام على أرض الواقع المرير .
ومن هنا وقبل أن أبدأ أود أن أشتشهد بكلمات أقل ما توصي به أنها واقعية بحثه , دعونا نتأمل هذا :
بعد ألفي سنة تنهض فوق الكتب
نبذه عن وطن مغترب
تاه بين ارض الحضارات من المشرق حتى المغرب
باحثا عن دوحة الصدق ولكن عندما كاد يراها حية مدونة وسط بحار اللهب
قرب جثمان النبي
مات مشنوقا عليها بحبال الكذب
وطن لم يبق من آثاره غير جدار خرب
لم تزل لاصقة ، به بقايا من رايات الشعارات وروث الخطب
عاش حزب ا لـ...، يسقط ا لـخـا...، عـا ئد و...، والموت للمغتصب
وعلى الهامش سطر
أثر ليس له اسم
إنما كان اسمه يوما بلاد العرب
الأستاذ \ أحمد مطر
هذا بعض ما أيقنه مواطن لم يذق في حياته كلها معني المواطنة ، قد يكون مجهولاً بالنسبة لبعض القراء وإن لم يكن أغلبهم ، لكنه نقش محاور في قلوب وعقول كل من أدرك الحقيقة الغائبة .
وهنا يأتي دور السؤل المهم :
ماهو الوطن ؟ وما هى تبعياته ؟
والجواب المتعار،عليه بين غالبية القراء هو أن الوطن منطقة ما يولد ويحي الإنسان بها ، لها ينتمي ولها ينحو في كل صلاة ، مثالية حتي في متناقضاتها ، عادلة حتيفي أقسى درجات طغيانها ، وارفة خضراء في أقسى مراحل جذبها من كل شئ عدا الألم .
لكن هذا المنظور يبدو ناقصاً بل ومشوها إلى أقصى تقدير ، فلكي تمنحني الطبيعة الحرية المطلقة في أن أكون ما أرغب في نفس الوقت تحملني ما لم أكن أنا سبباً رئيسياً فيه ، هنالك حاجة أساسية في سلم الإجتياجات الإنسانية وهي تصنف في المرتبة الثانية تبعاً لأهميتها وقدرها ألا وهي الحاجة للإنتماء ، فالكائن البشري يتطلع دائماً لتأمين حاجاته الغريزية الداعية إلى البقاء من مأكل ومشرب وتكاثر ، ثم ينحو نحو الشعور بالأمان والذى لا يتحقق إلا بعد شعوره بالإنتماء إلي أي جانب ، شعوره بالإنتماء ناحية أسرته شكلاً من أشكال المواطنة وشعوره بالإنتماء صوب أصدقاءه شكلاً أخر من أشكال المواطنة بل وشعوره بالإنتماء لنفسه وشخصه هو أسمى درجات المواطنة ، وقد أكون أوافق الوجوديين في إعلاء قيمة الفرد ونسف كل أشكال التكامل الإجتماعي ، لكن في الواقع أنه حين يكتمل نمو الفرد النفسي والشعوري ( والذي لا يحدث غالباً في مجتمعاتنا ) يكون قد إكتمل بنيان وحدة المجتمع الأساسية التي تثمر فيما بعد عن منظومة غاية في الدقة والتفرد ، فكيف لمجتمع أن يسير ويمضي وهو مهئر - خرب في داخله ، فهو يشبه لحد كبير برج بيزا المائل الشهير الذي تقودت دعائمة لكنه لم يسقط ، لذا وجب على المجتمع أن يعمل على إثراء روح الفرد إثراءاً حقيقياً غير مزور إثراءاً مرتبط بهذا المجتمع ومصيره لكن قبل ذلك هنالك شئ مهم ألا وهو إعلاء القيمة الفردية لدى الناشئ فى مجتمع ما والتي من شأنها تقوية الرابطة بين المجتمع والفرد فينظر الفرد في المرأة ليرى مجتمعه وبالعكس ؛ فتكتمل المنظومة بهذا الشكل القوي والسليم القائم على الإحترام أولاً للأخر ومن ثم قبوله حتى وإن إختلفت الرؤى ، والرابطة القوية المستندة للحب والتراحم بين أفراد ذاك المجتمع المنسجم داخلياً مع بعضه البعض والمتوحد شعورياً فى إطار أيدلوجيا متقق عليها وقابلة للتغير فى أى وقت إذ إقتضت الحاجة لذلك .
وبذلك نكون قد حصلنا فى النهاية على تعريف حقيقي وواقعي للوطن والمواطنه والذي قد يراه البعض تقليدياً في مظهره ،لكن فى فحواه يضم مبادئ وأساليب غابت عنا لوقت طويل وأصبحنا نهوي فى كل واد بما ينتجه مفكرينا الفقراء إلا من لافتات براقة خالية من أى معنى للفهم ، الوعي المجتمعي الذي يتكون لدى الفرد من خلال التنشئة السليمة يحول بين إنفراط الفرد عن مجتمعه وإنعزاله عنه ، إذ أنبت هذا الوعى في ضمير الفرد من خلال مجموعة من الأطر السلوكية القائمة أولاً وأخيراً على الثقة ورجاحة العقل لدى المربين الذين عملوا علي توطيد الصله بين الفرد وذاته وبالتالي إثراء الوعى أو الإدراك الفردى المعتمد على المسؤلية الكاملة والحرة ، ومن ثم نمو هذا الوعي لشكل أكبر من الإدراك الفردي الضارب عمقاً في أوصال مجتمعه ومرباه .

No comments: